الرّمز في التّحليل النّفسيّ من "فرويد" إلى "لاكان": مقاربة نظريّة وتطبيقيّة

مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي

عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق

الإصدار الثامن عشر: 30 نوفمبر 2025
من المجلة السعودية للدراسات التربوية والنفسية

الرّمز في التّحليل النّفسيّ من "فرويد" إلى "لاكان": مقاربة نظريّة وتطبيقيّة

مجدي حاجي
الملخص

يندرج هذا المقال ضمن الدّراسات التي تستقصي المفاهيمَ التّأسيسيّةَ في التّحليل النّفسيّ من زاوية تطوّرها النّظريّ وتجلّيّاتها في الخطاب الثّقافيّ، ويتّخذ من الرّمز محورًا لتحليل مزدوج يجمع بين الرّؤية النّظريّة والتّحقيق التّطبيقيّ. ويهدف المقال إلى تتبّع تحوّلات مفهوم الرّمز من التّفسير الفرويديّ المؤسّس إلى التّأويل اللّاكاني المعقَّد، مع إبراز الأبعاد الكامنة في انتقال الرّمز من حقل التّمثيل اللّاواعي إلى بنية دالّة تتوسّط الرّغبة، اللّغة والواقع. أمّا القسم النّظري فيرتكز على مقاربتيْن مركزيّتيْن: "فرويد" الذي ينظر إلى الرّمز بوصفه آليّة لتحويل الغريزة عبر الحلْم والعَرَض العُصابيّ، وفيه يوظَّف الرّمز لتجنّب الرّقابة وتحقيق الإشباع بصورة مقنَّعة، و"لاكان" الذي يقلب النّموذج التّحليليّ من مركزيّة المعنى إلى مركزيّة اللّغة، ويعيد تعريف الرّمز ضمن ثلاثيّة الرّمزيّ، المتخيَّل والواقعيّ، ويجعل منه عنصرًا لغويًّا بنيويًّا متعالقًا مع البنية الدّالّة حيث تصبح الرّغبة ذاتُها مشروطةً بالرّمز وسيطًا دلاليًّا. أمّا القسم التّطبيقيّ فقد اخترنا نموذجيْن من الثّقافة العربيّة الكلاسيكيّة: الأوّل هو سيرة عنترة بن شدّاد بوصفها سرديّةً بطوليّةً تمثّل الذّات، الآخر، الرّغبة، والتّصدّع الرّمزيّ في الحكاية. وقد طُبِّق عليها التّحليل النّفسيّ الرّمزيّ من منظور فرويديّ، حيث يتجلّى الكبت، التّحوّلُ النّرجسيّ والانقسام بين الهو والأنا الأعلى، ثمّ من منظور لاكانيّ، حيث يظهر الصّراع الرّمزيّ حول الاعتراف والهويّة داخل النّسق الدّاليّ والموقع بين المتخيّل والرّمزيّ. والثّاني هو الرّسالة القشيريّة، وهي نصّ صوفيّ تأمّلي يُستثمَر هنا من زاوية التّحليل الرّمزيّ النّفسيّ. وقد أبرز التّحليل الفرويديّ علاقة الرّموز الصّوفيّة بالبنيات اللّاواعية المرتبطة بالرّغبة، النّقص والحرمان، بينما ركّز التّحليل اللّاكاني على البنية الرّمزيّة التي تُنتج الخطاب الصّوفيَّ والانتقال من الدّال إلى اللّاتمثّل، ومن الرّغبة إلى "نقص الرّغبة". ومن النّتائج التي توصّل إليها هذا المقال: أوّلا؛ أنّ الرّمز ليس مجرّد وسيط تمثيليّ بين الدّاخل والخارج، بل هو بنية منتِجة للمعنى والذّات والاختلاف، تنفتح على أنظمة اللّغة والثّقافة. ثانيا؛ يظل الرّمز في النّموذج الفرويديّ مرتبطًا بالبعد الغريزيّ، الجنسيّ والكبتيّ، أمّا في النّموذج اللّاكانيّ فيتّخذ طابعًا لغويًّا-بنيويًّا أكثر تعقيدًا، يُعيد صياغة الرّغبة واللّاوعي في إطار علاقات الدّال. ثالثًا؛ التّقاطع الخصب بين التّحليل النّفسيّ والأنساق الرّمزيّة الكبرى (الدّين، الأدب، التّصوّف...) بما يُتيح إمكانيّة تحليل ثقافيّ متعدّد المستويات. ورابعًا، أثبت التّطبيق على سيرة عنترة والرّسالة القشيريّة قدرة التّحليل الرّمزيّ النّفسيّ على تفكيك بُنَى السّرديّات الكبرى الخفيّة، سواء البطوليّة أو الصّوفيّة عبر أدوات مفهوميّة تسمح بكشف الدّيناميّات النّفسيّة والثّقافيّة المتشابكة.

سيتم إضافة المزيد من التفاصيل قريباً

مجلات علمية